-->

بحث حق الحياة د.خالد عيد

بحث حق الحياة د.خالد عيد


    حق الحياة 

    حق الحياة في الإسلام خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وكرمه، وأعطاه مجموعةً من الحقوق والواجبات ليحكم حياته ويرتقي بها خلافاً لسائر المخلوقات الأخرى، ويعتبر الحق في الحياة هو الأساس الذي تُبنَى عليه باقي الحقوق، كما ينبغي الإشارة إلى أنّ الشريعة الإسلامية قد كفلت حق الحياة لجميع من هم على وجه المعمورة بشراً كانوا أم غير ذلك، فلا ينبغي الاعتداء على شيءٍ من المخلوقات إلا بوجهٍ شرعي، وقد فرضت الشريعة الإسلامية لأجل الحفاظ على ذلك الحق العديد من الأحكام، وسنّت العديد من العقوبات لمن يتعدّى على ذلك الحق.

    مظاهر حق الحياة في الإسلام وأحكامه

     تتعدّد مظاهر وأشكال حفظ الإسلام لحق الحياة لجميع المخلوقات التي وُجِدت على وجه الأرض، وتتميز تلك المظاهر وتَبرُز بصورةٍ أوضح إذا ما نظر الناظر إلى الأحكام العملية التي شرعتها الديانة الإسلامية على معتنقيها، وتبرز كذلك في حال كانت تتعلّق بالإنسان في جميع أحواله وهيئاته؛ مسلماً كان أم كافراً، أسود كان أم أبيض، عربياً أم عجمياً، فلا فرق في هذا الحق بين إنسانٍ وآخر إلّا ضمن أسس وضوابط حددها الإسلام ونظمها وفق قواعد دقيقة، حتى أنّ الجنين في بطن أمه حفظ الله له الحق في الحياة، فمنع الاعتداء عليه بما يؤدي إلى مجرد إلحاق الضرر به أو بأمّه، وفيما يلي بيان أهم تلك المظاهر في الإسلام

    منع الاعتداء على الجنين

    فقد أجمع علماء وفقهاء الأمة على تحريم إجهاض الجنين الذي بلغ من العمر في بطن أمه مقداراً محدداً؛ أي ما بعد نفخ الروح فيه، فلا يجوز الاعتداء على الجنين بإزهاق روحه أو التخلص منه في هذه المرحلة مطلقاً من خلال الإسقاط ما دام الجنين قد تشكَّل في رحم الأم ونُفِخَت الروح فيه؛ لكون الإسلام قد كفل له حقَّ الحياة والبقاء، ومنع الاعتداء عليه؛ إلّا في حالةٍ واحدة هي أن تتعرض الأم لخطرٍ محقق نتيجة ذلك الحمل، أو أصابها خطر طارئ هدّد حياتها؛ كأن تتعرض لحادثٍ، أو تقع وتُصاب بإصابة تهدد حياتها وحياة جنينها، ففي هذه الحالة يجوز الاستغناء عن في سبيل الإبقاء على حياة الأم التي هي الأصل، أو أن يكون لدى الأم مرضٌ يمنعها من مواصلة حملها، فإن استمرّ حملها تعرضت لخطرٍ مُحقّق، فكذلك يجوز في هذه الحالة التخلص من الجنين وإسقاطه بناءً على تقدير الطبيب المسلم الحاذق، ومن الأمراض التي تهدّد حياة الأم والجنين أن تكون الأم مصابةً بأمراض القلب أو السرطان أو الأمراض المتعلقة بالرحم؛ فيكون السعي إلى الإبقاء على حياة الأم أولى من الإبقاء على حياة الجنين، أمّا إذا تمكّن الأطباء واستطاعوا من إنقاذ الأم وجنينها -إذا أُصيبت بمرضٍ طارئ أو تعرضت لخطر- فيكون ذلك أبلغ وأفضل لا محالة، فإن عجزوا عن ذلك إلا بالاستغناء عن الجنين جاز ذلك مطلقاً

    قتل النفس بلا وجه حق من أعظم الكبائر

    من مظاهر حفظ الإسلام وحمايته لحقِّ الحياة لجميع الناس أن جعل قتل النفس مُحرّماً إلا بوجه حق، فلا يجوز الاعتداء على النفس البشرية مطلقاً إلا إن كان هناك مبررٌ شرعي لذلك الاعتداء، كما لا يجوز تنفيذ حكم القتل لمستحقٍ له أو الاعتداء على أحدٍ من الناس إلا بطريق الحاكم، الذي وُجد لتطبيع أحكام الله في الأرض، قال الله سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ)،[٣] وذلك دليلٌ على احترام الإسلام واهتمامه بحق الحياة لكل نفسٍ بشرية، مسلمةً كانت أو غير مسلمة، كما جعل الإسلام من يقتل شخصاً واحداً أو يُزهق روحه بأي وسيلة كأنّما قتل جميع خلق الله، قال تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً)،[٤] ليس ذلك فقط؛ بل إن الإسلام قد حرَّم كل ما يؤدي إلى إيذاء النفس البشرية ولو كان ذلك الإيذاء بسيطاً، حتى الإيذاء المعنوي فضلاً عن أن يصل الأمر إلى القتل، فحرَّم التهديد بالقتل واعتبره من الجرائم العظيمة التي تستوجب العقوبة.

    أحكام الشريعة الإسلامية في حماية حق الحياة

    • اعتبار حق الحياة حقّاً مشتركاً يتمتّع به كافّة الأشخاص دون تمييز، فقد قال تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ)[المائدة:45]، فالمسلم وغيره كلّهم سواء في إقرار حرمة الدم، وفي استحقاق الحياة، بالإضافة إلى أنّ هذا الحق يشتمل على الكبير، والصغير، وكافّة البشريّة.
    •  تحريم قتل النفس بغير حق، وذلك لقوله تعالى: (وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ) 
    • اعتبار قتل أرواح الآخرين بغير وجه حق من الجرائم ضد الإنسانيّة، فقال تعالى: ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)[المائدة:32).
    •  حماية حق الحياة، من خلال تحديد عقوبة شديدة على من يعتدي على هذا الحق، وهي عقوبة القصاص، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى)[البقرة:178] تحريم قتل المسلم لأخيه الإنسان، أو قتله لنفسه. 
    • إقرار دفاع الإنسان عن نفسه عند تعرّضه لأي اعتداء، سواء كان بالدين، أو النفس، أو العقل، أو العرض، أو المال.

    الضمانات الدولية لحق الإنسان في الحياة

    • يعد الحق في الحياة من الحقوق الملازمة لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق، حيث لا يجوز حرمان أي شخص من حياته.
    •  لا يجوز الحكم بالإعدام في البلدان التي لم تلغِ عقوبة الإعدام، إلّا إن كانت ردّاً على أكثر الجرائم خطورة.
    •  تلزم كافّة الدول بمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعيّة، حيث تتم المعاقبة عليها. يحق لأي شخص حُكِم عليه بالإعدام التماس العفو الخاص، أو استبدال العقوبة، كما يجوز منح العفو العام، أو الخاص. 
    • لا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام على الجرائم التي ارتكبها من هم دون الثامنة عشر من العمر، كما لا تنفّذ بحق الحوامل.
    ضمانات المقرر الخاص لحماية حق الإنسان في الحياة
    • حظر كافّة عمليّات الإعدام خارج نطاق القانون، والإعدام التعسّفي دون محاكمة. تكفّل الحكومات بفرض رقابة دقيقة، وتسلسل قيادي على كافّة الموظّفين المسؤولين عن القبض على الأشخاص وتوقيفهم، وسجنهم.
    •  تكفّل الحكومة بوضع الأشخاص المجرّدين من الحرية في أماكن معترف بها رسميّاً للاحتجاز، والسماح لأقاربهم أو محاميهم بالحصول على كافّة المعلومات المتعلّقة بهم، وبأماكن حجزهم، ونقلهم. 
    • إجراء تحقيق شامل عند وقوع أي اشتباه بحالة إعدام خارج نطاق القانون، أو دون محاكمة.
    •  منح هيئة التحقيق سلطة كاملة للحصول على جميع المعلومات اللازمة للتحقيق.
    •  محاكمة الأشخاص الذين يُظهر التحقيق أنّهم مشتركون في عمليّات الإعدام خارج نطاق القانون. 
    • إعطاء الحق لأسر ضحايا عمليّات الإعدام خارج نطاق القانون، أو الإعدام التعسّفي، بالحصول على تعويض عادل وكافٍ.
    تم النقل بواسطه : MostafaGamal
    المصدر : موضوع كوم 



    Mostafa Gamal
    @مرسلة بواسطة
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع معهد الجيزة العالي للعلوم الادارية بطموه .

    إرسال تعليق